Monday 24 February 2014

عن أي دولة فلسطينية تتحدثون؟!



 عن أي دولة فلسطينية تتحدثون؟!
ليث مسعود

يدور مؤخرا الحديث عن اتفاق جديد يلوح في الأفق ينتج عن 9 أشهر من المفاوضات الأمريكية مع الكيان والسلطة الفلسطينية، هذا الاتفاق الذي يتضمن المرحلة النهائية حسب ما أطلق عليها في أوسلو، وهي اللاجئين والقدس والحدود...أي كافة القضايا الأكثر أهمية، أما المراد من الإتفاق من الطرف السلطة هو الحصول على دولة على حدود 1967، على اعتبار انها اعترفت بالكيان وحقه في الوجود على الأراضي المحتلة عام 1948، لكن هل فعلا سيوافق الكيان على تفكيك أضخم مستعمرات له في الضفة؟ وهذا ما سبق ورفضته "تسيبي ليفني" في مفاوضاتها مع السلطة !(1).

قبل الحديث عن الدولة نذكر بأن الإتفاق أمريكي فهل يكفي اسم أمريكا؟، إذا لم يكن كافياً عليك العودة لقراءة تاريخها أي نشأتها أو تاريخ دعمها للكيان... الاتفاق الجديد الذي سيعلن للمرة الثانية بعد أوسلو عن "نهاية الصراع العربي الإسرائيلي"، والذي فعليا لم ينته؛ لأنه من المفروض أن الحل للقضية الفلسطينية لن يكون إلا بتحررها وهذا ليس بالحلم إنما الحلم هو دولة فلسطينية على فتات متبقي من فلسطين!، لأن هذا الكيان القائم على التطهير العرقي والتوسع لن يتوقف عند حدود، وهذا ما ردده قادة الكيان بغض النظر عن كونهم "يسار،يمين" فكلاهما محتل وله منهج واحد، أما الحل الذي جاء به كيري وهو "إتفاق الإطار" لن يضع أي حدود للكيان ولن يوقف المد الإستعماري وسيتعامل مع قضية اللاجئين بتفتيتها على أنها حقوق شخصية كما سيعمل على تغيير نمط التعليم مع العلم أن الكتب لا تدرس الّا بعد الموافقة عليها وتطبع على حساب أوروبا في الغالب...

حق العودة وقضية اللاجئين تفتت من خلال التلاعب بقرار 194 الذي ينص على حق العودة الى المكان الذي هجر منه مع التعويض وأنه لايمكن إسقاطه من أي شخص، ومن هنا تم الامساك بجزئية أنه حق شخصي فلا أحد يمكنه ان يتنازل عنه وهي حجة لطالما سمعناها، لكن يفترض أن حق اللاجئين والعودة هو قضية عربية وليست فلسطينية أو شخصية ويفترض عدم تحجيمها...ثم ننتقل الى المبادرة العربية التي يتم العمل عليها بدلا من القرار 194 فهي أفضل لمصلحة الكيان لأنها تنادي بحل عادل للاجئين أي تعويضهم وتوطينهم في الخارج بدلا من إعادتهم الى بيوتهم وأراضيهم التي هجروا منها قسراً!(2)، التوطين ملف تسلمته عدة دول و تترأسه اليوم كندا وهذا ما كان واضحا في زيارة رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر في 20/1/2014، حيث عقد مؤتمر صحفي مع رئيس السلطة محمود عباس الذي صرح بأن : 

"كندا هي أحد المسؤولين عن ملف اللاجئين الفلسطينيين "وربما سيأتي دورها لاحقا عندما يوضع بند مشكلة اللاجئين كملف للتحقيق والتنفيذ". وأشار عباس إلى أنه لم يطلب من كندا حتى الآن استيعاب أي من اللاجئين الفلسطينيين "كمدخل لحل القضية التي تعد إحدى القضايا الرئيسية في المفاوضات مع إسرائيل". (صحيفة القدس 20/1/2014) 

أما حديثا حول العودة الفلسطينية فيبدو أنها ستكون شكلية وهي خطة قديمة رفضت في السابق وهي إعادة عدد محدود من اللاجئين وبشكل أوضح إعادة من تم تهجيرهم فعليا أو وقع عليهم التهجير في تاريخ 1948 !، وقد أصبحت مقبولة على ما يبدو ففي لقاء لرئيس السلطة مع مجموعة من الطلبة المستعمرين من جامعات الكيان صرح : 

" ان الفلسطينيين لا يسعون "لاغراق اسرائيل" باللاجئين الفلسطينيين." (صحيفة القدس 17/2/2014) 

أما التعويض فهو وحسب التسريبات سيكون على أساس تعويض الفلسطينيين وتعويض اليهود!، نعم تعويض اليهود انها ليست سخرية للأسف فحسب الاتفاق سيكون هنالك تعويضات لليهود العرب الذين جائوا من الدول العربية وهي واحدة من عدة طرق للتخلص من حق التعويض الذي سيشتت أيضا بمطالبة الأردن حديثا بتعويضات عن تحملها "عبء" اللاجئين! والتي يفترض بها أن تقاتل وتدافع عن حقهم وأن يكون تواجد اللاجئين لديها بدافع وطني!(3)، وهنا يجد التذكير بأنها وقعت اتفاقية بعدم التدخل ضد حملة التهجير مقابل 20% من فلسطين أو بالأحرى مايعرف الآن حدود 67(4)...

تغيير نظام التعليم وهنا يجب أن نعلم القارئ بأن مادة التربية الوطنية منذ سنوات تم إلغاؤها مع أنها تدرس لكنها تباع في المكاتب؛ أي أنه لا يسمح بطباعتها واعتمادها من وزارة التربية مع العلم أنها أيضا ضعيفة...إعادة هيكلة نظام التعليم بالتأكيد سيكون أخطر مما هو عليه الآن فقد تصبح فلسطين في الجغرافيا هي الفتات الذي أعلم عنه دولة 194!، والكيان يصبح اسمه "إسرائيل"...وهذا يعني تدمير الأجيال القادمة من الفلسطينيين، وهذا على مسيرة الكبار يموتون والصغار ينسون!.

القدس وهنا نعني القدس كاملة المدينة المقدسة والتي تعتبر عاصمة فلسطين منذ القدم، أما الحديث عنها فهو قدس شرقية والقدس الشرقية هي القرى المحاذية لرام الله المطلة من بعيد على قبة الصخرة والأقصى (العيزرية، أبو ديس..الخ)، أم هي تشمل الأقصى؟...لا لا يجدر بنا التفكير هكذا فكيف نقبل بتقسيم عاصمتنا؟، وعلى أي أساس؟؟...وهل فعلا في حال كانت القدس الشرقية تشمل الأقصى (وهو مالم يرد في التسريبات(5))، سيسمح للمستعمرين "المتدينيين" من تدنيس حائط البراق تحت ذريعة الصلاة؟ الاجابة كانت في إجابة وزير الأوقاف في السلطة على سؤال في مقابلة مع القناة العاشرة التابعة للكيان :

"أهلا وسهلاً بكل تأكيد أهلاً وسهلاً، لن يكون هناك أية قيود على حرية العبادة؛ العبادة شيء والسياسة شيء آخر".

وأما في الحديث عن السيادة على ما يريدون تسميته دولة فلسطين فهي خاضعة لما اسمي في أوسلو "حق المطاردة الساخنة"؛ أي دخول قوات الاحتلال في أي وقت الى مناطق السلطة، وأخيرا ووجه رئيس السلطة دعوة للـ"NATO"  بأن ينتشر في الضفة الغربية "لحفظ الأمن" والأمن المقصود هو أمن الكيان وقد رحبت واشنطن بهذا الطلب ، ومن هنا نذكر بمجزرة الحرم الإبراهيمي التي صادف ذكراها الأيام الماضية والتي ارتكبت بعد اتفاق أوسلو حيث اكتشف المفاوضون أنهم لم يطالبو بحماية وأمن المواطن الفلسطيني واليوم تتكرر...أما يهودية الدولة فحسب التسريبان من روبرت أنديك أنها أساسية وحسب ما ينشر حتى الآن أنها مرفوضة من الجانب الفلسطيني ولكنها مطلب من طرف الكيان والأيام ستكشف ما سينتج عن الاتفاق...

وفي نهاية المطاف نذكر بأن حلم الدولة على فتات متبقي من فلسطين أو السلام مع كيان إحتلالي أيضا هو حلم سواء مع الفلسطينيين في حالة قبلنا بسياكس بيكو أم على إطار الاقليم فهل يتقبل الجسد خلية سرطانية ؟ إذا تقبلها الجسد ولم تنتشر الى أن تقتله بعد أن تفتته عندها سيكون هنالك بعض الأمل!...

1-      بنجامين بارت، حلم رام الله : رحلة في السراب الفلسطيني،منشورات الأهلية،2013
2-      عادل سمارة، مجلة كنعان، https://kanaanonline.org/ebulletin-ar/?p=10330
4-      إيلان بابيه، التطهير العرقي في فلسطين، مركز الدراسات الفلسطينية-بيروت،2003
5-      http://www.haaretz.com/jewish-world/jewish-world-news/1.571699
 Indyk to Jewish leaders: about 75-80 percent of settlers would remain in Israel

No comments:

Post a Comment