Friday 31 August 2012

شريعة الغاب أم دورة الحياة؟ !

شريعة الغاب أم دورة الحياة؟ !




بقلم : ليث مسعود

25-8-2012

لم يخطئ الرئيس الفرنسي فاليري جيكار عندما قال في أول خطابه :"العالم بائس.وهو بائس لأنه لا يعرف الى أين المسير.ولأنه إذا كان يعرف،فما هذا إلا لكي يكتشف أنه في طريقه الى الكارثة."*

في الغاب نجد الأقوى هو من يتغذى على الضعيف وكذلك هي دورة الحياة كما يسمونها حيث يأكل الذئب الغنم الذي يتغذى على العشب الذي يتغذى من الأرض ويسقى من الماء المُنهمِر،وفي النهاية قد يَقتل كلاهما الإنسان. نحن الآن لسنا بأبعد عن منطق الغاب وشريعتها نحن البشر نعتبر الأقوى في دورة الحياة حيث نملك التفكير والإبتكار القاتل، نعم نحن في غابة تحت إسم عالم الإنسانية؛عندما تكون طبقة من البشر تتغذى وتنتعش على حساب موت آخرين فهذه فعلاً الغابة!، يجب أن يموت الضعيف مقابل أن يتغذى القوي .

أوروبا البارحة والإبن أمريكا اليوم، لطالما كانوا هم المسيطرين ولنقل ملوك هذه الغابة، فقد حددت أوروبا وأمريكا من بعدها مناطقها التي يحرم على غيرها من الدول الأقل قوة الإقتراب فهي منطقة الإفتراس خاصتها فنجد الهند إحتُلّت وقتل فيها الملايين ليس فقط قتلاً بالسلاح لا بل بالجوع!، وفي المقابل كان المفترس بريطانيا ينعم بإنتعاش إقتصادي،قطن،بهارات بأنواعها،وغيرها من الموارد مجانية لا بل يعاد بيعها للهند مرة أخرى!...ولحقت أيضاً روسيا في أفغانستان التي تعد معقل الأفيون، وغنية بالنفط ...لكن عند صعود أمريكا وبتفعيلها لإستخباراتها (CIA)، أقامت منظمة "جهادية" ضد الإحتلال الروسي وكانت تموِّله وتدعمه مادياً، أما الأيدي البشرية فكانت كما إعتادوا، من العرب،فكلمة الجهاد وما إليها دفعتهم ودون أن يقفوا لحظة تساؤل: لماذا قد تدعم أمريكا تحرير أفغانستان؟... وبعد التخلص من الروس قلبت الطاولة واحتلت أمريكا، أفغانستان بحجة"تنظيم القاعدة"، نعم تنظيم القاعدة ذلك التنظيم الذي كان يقاتل ضد الروس !...وإستمرت مسرحية أمريكا والغرب اللامتناهية على العرب !.

ثم امتدت يد أمريكا الى العراق فقتلت ملايين الأطفال والنساء والشيوخ،إحتلت العراق علناً ببتلك الحجة ذاتها التي اعتدنا رؤيتها في مسرحيات سابقة، إنها الأسلحة الكيميائية. لنقف لوهلة هنا، أسلحة كيميائية أليست تلك التي قدمتها أمريكا للعراق قبل سنوات ؟،هي ذاتها لكن لا يجوز لبلد عربي يطالب بتأميم النفط وينشر العلم في بلاده ويحافظ عليه من التَّشتُّت والإنقسام البقاء كما هو...فكانت النتيجة أن أصبح صدام حسين يملك النووي والكيميائي وأسلحة خطيرة جدا على البشرية ،وكأنما العراق تملك ما تملكه إسرائيل أو أمريكا من تلك الأسلحة المحرمة دولياً والتي إستخدمتها أمريكا في حربها على العراق!! بعد أن كانت محاصرة ومنع عنها حتى الدواء فمات ملايين الأطفال!،ولأنها هاجمت الكويت فما كان من القاضي الشرعي حامي الديموقراطية "أمريكا" سوى أن أقدمت وبحق التدخل الدولي على قصف العراق !، وبحق الدفاع عن حليفها التركي تدخل الناتو...مسرحية تضمنها تشجيع جمهور عربي خاصة أولائك الذين ينتظرون دورهم على المقصلة! .


وهكذا تستمر شريعة الغاب تموت إفريقيا التي تملك كميات هائلة من المعادن والنفط، مقابل أن تعيش أوروبا وأمريكا والدول الصناعية الكبرى برفاهية،وللتخفيف عن أنفسهم أسموا هذه الدول بالدول النامية، إذا كانت نامية لماذا تبعثون السلاح لها وتأخذون الذهب والماس والنفط وتجعلون من عصابات قوة تحكم البلد؟!،وذلك بدلا من أن تدعمها لتنموا،وأين الحق الدولي وأين حقوق الإنسان وأين الديموقراطية ؟! ، أليست هذه بشريعة الغاب؟؟، أن تسبب قتل الملايين جوعا أو بالسلاح لكي تنتعش بلادك بتجارة السلاح والمعادن بشتى أنواعها.
إذا تأملنا قليلا وتخيلنا إفريقيا أي جميع دولها تنهض وتمتلك القوة لتدافع عن نفسها وتحفظ أمنها، هل سيبقى هنالك سيطرة أمريكية أو أوروبية، أو تنين صيني...الخ.من قوى العالم ؟ لا أعتقد ذلك،فكلها ستكون راضخة لأوامر إفريقيا، ولنستطرد أكثر ولنقل الوطن العربي توحد وأمم النفط، هل سنجد أمريكا تحتل السعودية، وقطر،والإمارات،والعراق كما هو الحال اليوم؟ ،وهل سنجد الشعوب العربية بهذا الذل؟...وهل ستكون فلسطين كما هي عليه الآن مجرد بقايا أراض يعيش عليها شعب يقاتل احتلاله فقط بعيشه وتواجده في أرضه ؟.

إذا كنا نتحدث عن مساواة عالمية أو حقوق إنسان أو ديموقراطية ، فإن أكثر مصرح بهذه المصطلحات هو أكبر مجرم في تاريخ العالم أجمع، ألم يحن الوقت لنفكر كما فكرت إنديرا غاندي ؟  أو على الأقل نفهم الواقع كما فهمته هي عندما ردت على سؤال وجه اليها وهذا جزء منه :"أنا لا أؤيد لا أمريكا ولا روسيا.فهذه وتلك تنظران الى الهند وكأنها شيء,وكأنها محور لعبة .أنا مع الهند وشعبها مع كل ما بإمكانه مساعدة الهند ".**

لماذا لانفهم كما فهمت هي ؟ لا أحد يريد مصلحة العرب الآن فنحن أيضا محور لعبة وخاصة سوريا حاليا، والخليج كان أشبه بالسلاسل التي ستقيد العالم، لطالما قال الغرب وخاصة أوروبا التي رضخت لإبنتها أمريكا، إن مصيبتنا بأن النفط كان في يد العرب ! او كما قالت الدول الصناعية عند إنشاء الأوبيك وإعلانها المقاطعة لسوء حظنا أن النفط وقع بين يدي هذه المنظمة التي تطالب بالتكنولوجيا الحديثة ولا تعرف من أين تريد أن تبدأ وكيف ؟!...لم تكن المقاطعة سوى بسبب سذاجة من إحدى الدول فيها فلم تكن سوى ضربة للعملاق الياباني من قبل أمريكا بيد عربية هدفها الوصول الى قيادة المنظمة !. 


ها نحن على أبواب حرب إقليمية ومن المرجح أن تكون الحرب الثالثة لتحدد من القائد الجديد أو من ملك الغاب القادم ,بالضبط كما تتصارع الحيوانات على السيطرة !.          
______________________________________________________________________________
*إنظر كتاب التحدي العالمي ص343
**المرجع ذاته ص375     
للإطلاع أكثر على مشروع المقاطعة راجع :"التحدي العالمي ،القسم الأول"

1 comment:

  1. والله كلام صحيح تماما يا ليث

    ReplyDelete