Tuesday 30 September 2014

غزة انتصرت...وعادت رقصة العفاريت!

غزة انتصرت...وعادت رقصة العفاريت!

ليث مسعود

14/9/2014

رقصة العفاريت؛ هي المفاوضات التي كانت تجري في القاهرة كما وصفها أبو عبيدة في خطاب ما بعد خرق الهدنة الإنسانية، ويبدو أنه صدق فعلاً كانت رقصة عفاريت، لكن هذه الرقصة لم تتوقف، ولم تأبه بأن ترقص فوق دماء الشهداء وعلى جراح من أصيبوا بهذا العدوان.

انتصار غزة ومماطلة الهدنة              
                  
لحظة اعلان الهدنة ووقف اطلاق النار، فرحنا بأن غزة صمدت صموداً اسطورياً؛ بحاضنتها الشعبية التي خرجت تحتفل رغم جراحها...نعم كان نصراً رغم الضحايا؛ فقد هزت الكيان الصهيوني بكافة مستوياته وصفعت وجوه المتخاذلين، فمنهم من التزم الصمت ومنهم من حاول التدخل شكليا بانسانية ومنهم من لم راح يصدح وينشر كلاما مسموماً بالهزيمة التي يعتاش عليها، أما في الهدنة والاتفاق فلم يكن فعلياً هو المتوقع بعد هذا العدوان وهذا الصمود من المقاومة، قد تكون هناك أسباب عديده للإسراع بالموافقة عليه ومنها الضغط الميداني؛ أي نقص كافة مقومات الحياة الأساسية وعجز المستشفيات فكانت تبتر الأعضاء المصابه في اغلب الأحيان بدلا من علاجها وذلك لعدم توفر العلاج وتجنب أعراض أكثر سوءاً.
السؤال الرئيسي والذي أود التركيز عليه هو: هل غزة كانت في موقف يتحمل الهدنة الإنسانية المتقطعة ؟.
السؤال قد يبدو وكأنه ابتعاد عن النظرة الإنسانية لكن لنوضح السؤال أكثر، عندما كانت غزة تعاني تحت القصف والكيان كان يعاني من ازمة داخلية من المستوطنين ومن اضطراب الاقتصاد وحركة الطيران وتوقف الكثير من المصانع...في الهدنة كان بإمكان الكيان تدارك اموره التخطيط اخذ استراحة!، لكن غزة ماذا اكتسبت في الهدنة؟، تقريبا لا شيء!!، لماذا؟؛ لأنها لم تحصل خلال الهدن على الماء أو الغذاء أو الدواء!، فهل استفاد الجرحى؟، قد لا تخلو الهدنة من الفوائد، لكن هنا تصبح الهدنة والمماطلة المقصودة من الكيان ضغط على المقاومة وعلى الحاضنة الشعبية بشكل مباشر؛ فهي تعاني مع كل يوم من هذا النقص!...ومن هنا بالإمكان استنتاج ما كان يطلبه محمد الضيف بأن لا وقف لإطلاق النار دون الموافقة على البنود، وهنا نسأل ما الذي غير رأيه ورأي كافة القادة الميدانيين؟، في الغالب السبب هو ضغط السياسيين على المقاومة؛ فلا أعتقد بأن القادة الميدانيين أقل من أن يدركوا ما تعنيه مماطلة العدو...أما تنفيذ البنود فهو بعيد جداً طالما عفاريت السياسة تفاوض او تمسك بزمام الإتفاق المخترق كسابقاته.

السياسيون يرقصون على وقع القصف

طالما لعلعت أصواتهم وخطاباتهم على الشاشات ولمعتهم بعض الفضائيات، هم راقصوا الدولار، وهنا نبدأ من سوريا؛ حيث خرج الفريق السياسي لحماس منها متوجهين نحو عبدة رأس المال في قطر، ليدخلوا معبد الدولار هناك...من سوريا التي دعمت وتدعم حتى اليوم المقاومة وترفض كافة أشكال التطبيع الى قطر، القاعدة الأمريكية الكبرى وأقرب أصدقاء الكيان علانية... تحول موقف الحركة من جزء مكمل الى مضاد لسوريا وحزب الله، وهذا موقف الثورة المضادة في الوطن العربي، وموقف كافة الأنظمة العربية المتصهينة...حدث هذا على خطى التبعية للإخوان المسلمين في تونس و مصر؛ حيث أعلنت مصر عداءها لسوريا فطردت السفير السوري، واعلنت مقاطعتها لسوريا، في حين استُقبل سفير الكيان الصهيوني برحابة صدر واسعة!.
بعد هذه الأحداث اتضح أن المكتب السياسي لهذه الحركة يتجه نحو الإنحراف التام عن التوجه المقاوم، لكن بقيت الثقة بمن هم يعدون في الميدان للمعركة التي شهدتها غزة، وشهد عليها العالم، وسيشهد التاريخ بأن هناك من كان يلعب على حساب الدم في غزة مقابل المال والكرسي المعروف، وهذا ما اتضح بمحضري إجتماع الدوحة*، الذي شمل أعضاء المكتب السياسي لحماس وفريق السلطة...اهم ما ورد في هذا المحضر الذي لم ينفه أي من الحاضرين حتى الآن هو وضوح التنازل عن فلسطين التاريخية من خالد مشعل؛ حيث اكد بأنه مع دولة على حدود 1967 أي التي تعني 20% من فلسطين في حال كانت هي الحدود ذاتها وذك في حال إزالة كبرى المستوطنات التي تتوسع يومياً، وكان واضحا حرصه على الاشتراك في المفاوضات وحرصه على أن يكون لهم جزء من هذه السلطة، وفي سياق الحديث عن التنسيق الأمني فهو من جهة السلطة سيستخدم كأداة ضغط؛ بأن يلغى التنسيق في حال عدم الموافقة على الـ67، ولم يصدر أي اعتراض من الحاضرين كان التوافق واضحا في المحضر، كما كان التأكيد على أن حماس ستكون جزءا من حل الدولتين، ولن تكون ضد هذا الحل او "عقبة" في الطريق كما وصفها مشعل...هذا الحديث كان يدور في 21/8 و 22/8، وهناك تم الاتفاق بأن يعلن رئيس السلطة عن انتهاء العدوان وعن ادخال المساعدات...مع العلم أنها لم تكن المرة الأولى التي يتحدث فيها مشعل عن موافقة على دولة الـ67**، لكن أن ينضم البقية اليه يعني التوافق الكامل لدى قيادة المكتب السياسي على حل الدولتين، الذي يعتبر وإن تلاعب أبطال الخطاب بأنهم لن يعترفوا بالكيان، هو إعتراف مباشر لكن دون لفظ جملة "نعترف باسرائيل كدولة مستقلة"...

ملف المصالحة

المصالحة لا تنفصل عن العدوان، ولا عن التنازل في الدوحة...عودة للتأكيد وكما العادة، الإنقسام المعلن أو المعروف لمن هم خارج فلسطين المحتلة، نذكركم بأنه ليس سوى انقسام على مستوى من سبق ذكرهم، لا على مستوى الشعب والميدان، وصمود غزة كان واضحاً وتوحد فصائلها في الأرض، على عكس ما حدث في الدوحة، فحماس كانت تتنازل والجهاد الاسلامي لم يدخل في هذه الجلسة مع أن التزامه الصمت ليس بالصحيح حتى في المنحى الدبلوماسي فهذه القضية لا تتحمل المجاملات!...المصالحة لن تتم ليس فقط لأن الكيان يزعزعها من حين إلى آخر بتحريض أحد الطرفين كما حدث مؤخرا،ً وذلك بدا جلياً في محضر الإجتماع الأول حيث أبلغت المخابرات الصهيونية رئيس السلطة بخطة إنقلاب في الضفة، أما هذه الزعزعة ليست خوفاً من المصالحة فلو كانت مصالحة على مستوى المطلب الشعبي لارتعد الكيان؛ لكنها مصالحة  مصالح فهي تقوم على أساس اتفاقيات أوسلو وحدود 67 وتقاسم السلطة والكرسي لا تقاسم لمصلحة الشعب والمسؤلية الوطنية، ومن هنا قد تكون مصلحة السلطة بعدم القبول، لأن الحصة الأكبر ستكون لحماس في حال أصبح مسؤولوا السلطة قابلين للاستبدال بأمثال مشعل وابومرزوق وغيرهم من المتنازلين...فمشعل يتنعم بقطر ويتعلم دروس التطبيع، وابو مرزوق يؤكد أن المفاوضات حلال وليست محرمة، وهنا يتوجب لفت النظر لاستخدام الدين في تبرير التطبيع وأحيانا في الخيانة؛ ففي سوريا يبرر تعاون "الثوار"، مع الكيان وأمريكا على أسس دينية لا تتطابق لكنها تطبّق بطرق ملتوية كما هو حال تحريم وتحليل التفاوض المباشر...ومن هنا نذكر بأن التفاوض غير المباشر لن يشكل فارقاً إذا تخلله التنازل!، فالعبرة في التنازل قبل الحديث المباشر هاتفيا أو في جلسة اجتماع!.

ختاما تساؤلات حول المرحلة قد تستحق بعض التفكير في اجابتها :

-          خرق الهدنة الى ممتى سيستمر؟...أم هو انتظار لوقت أنسب؟

-          ماذا عن موقف الأحزاب والأجنحة العسكرية من موافقة المكتب السياسي لحماس على ال67؟

-          ماهو موقف القسام من الحديث عن حل الدولتين؟...فحسب خطابات ابو عبيدة المقاومة حتى استعادة كامل التراب، فهل سيكون القسام جزءا من حل الدولتين أم "عقبة" في وجهه؟

-          استمرار عدم تطبيق البنود الى متى؟

-          تبادل الأسرى هل سيكون مشرفا بمعنى اخراج المؤبدات أم سيكون كسابقه مساومة كل قيادي مقابل عدد من المحكوميات المنخفضة ؟

-          قبل توقيع افاق وقف اطلاق طلب مشعل مشورة الرئيس التونسي ومستشاره حول الاتفاق وبنوده إضافة لشكره الجهود المبذوله من تونس بدعوة لمجلس حقوق الانسان!...أهي عودة للتبعية للإخوان؟، ألم تكن ايران أولى من بعث مساعدات منعتا القاهره وهي من دعى لمجلس حقوق الانسان؟...وتذكيرا تونس "الثورة استقبلت "حجيج" المستوطنين بجنسياتهم الإسرائيلية مع العلم أن بن علي كان يمنعها!.

-          في ذكرى أوسلو ال21 وهي 13/9/1993، هلّا بحثنا في بنودها وخرائطها لنفهم ماذا تعني الدولة التي ينشدونها؟
*محضر الإجتماع الأول


محضر الاجتماع الثاني


**انظر حين تستيقظ سوريا، ص222، ريشار لابفيير و طلال الأطرش،  دار الفارابي,2011


No comments:

Post a Comment