Saturday 11 August 2012

قصة: سخرية القدر!


سخرية القدر!


بقلم : ليث مسعود

1-8-2012

في ذلك اليوم كان البحر هائجاً والأمواج تتقاذف القارب من جهة لأخرى, الى أن مرّت تلك السفينة السوداء الضخمة محطمةً قاربي الصغير, فما كان لي سوى أن أتشبث بنتؤات هيكلها الخشبي, تسلقتها حتى وصلت السطح ...رحت أنظر من حولي فكانت أشرعتها ممزقة, خشبها مهتريء, ولم أجد أحداً على متنها وكأنني في سفينة مهجورة!, رحت أتجول على سطحها فلمحت نوراً من القبو أسفل السطح ,أكملت دفعني الفضول للنزول الى الأسفل نحو ذلك الضوء, كان ممراً مظلما لم أجد سوى تلك الغرفة مضاءة في نهاية الممر, سرت قُدماً نحوها ثم طرقت الباب, لكن لا صوت يجيب ..فتحت الباب بهدوء ودخلت الغرفة...كان منظرا مرعبا عندما وقعت عيناي على الهياكل العظمية الجوفاء, كانت تجلس حول طاولة كبيرة .

رحت انظر من حولي في الغرفة,فكرت في نفسي اهي سفينة قراصنة كانو يعيشون برغد لكنهم ماتوا فجأة ؟!...فاذا بصوت يقول : من هذا! وكيف يجرؤ على الوصول الى هنا ؟! ...إلتفت فإذا به أحد الهياكل الجالسة حول الطاول, تشنجت وراحت الأفكار تتضارب في رأسي لم أستطع فعل شيء سوى أن أبقى متجمداً ...فصرخ أحدهم خذووه من هنا الى مكانه !.

إندفع حرس لم يميزهم عن البقية سوى اللباس, كانو هياكل عظمية جوفاء!, أمسكت بي ودفعتني داخل الظلمة ومالبثت أتلفت حولي فإذا بي بغرفة محاط بقضبان الحديد ,جلست محاولاً استدراك مايحصل حولي دون فائدة ! ... لا أستطيع لا أفهم مالذي يحدث هنا ماهذا المكان ..قلتها بيأس بصوت الهمس, فإذا بصوت يرد علي إذن أنت جديد هنا ...لم يصل من أمثالك إلى القليل القليل ...أعلم حالك,وسأساعدك إن شئت في فهم هذا المكان .

فقلت وبتردد : ومن تكون أنت ولما أنت هنا ؟ ...طبعا أود فهم المكان هذا !

تنهد ثم قال : أنا المدعو بالقدر ,وأنا هنا في إنتظار أمثالك ..فأمّا الحال هنا وهذا المكان هو المكان الذي تجتمع فيه هذه الهياكل صاحبة الإمتياز والقدرة على أن تقرر مصير شعوب تمثلها ,نعم تلك الشعوب التي أصيب أغلبها بهذه اللعنه ...

فقاطعته قائلا : وأي لعنه ؟ أتقصد أنهم لعنوا حتى أصبحو على هذا الحال ؟   

فقال وبضحكة ساخرة : نعم إنها لعنة, لعنة القدر كما أسموها !, أما أنت والقليل من أمثالك فهم غرباء لأنهم لم ينسوا هبة الله لهم ..إنها هبة العقل بني...إن الحال هنا يعكس الحال هناك!؛ فما يدور هاهنا ينعكس على كل ماهو من حولك, تلك الهياكل وكعادتها, تجتمع وسط الظلمة في سفينتها المرعبة المزينة من الداخل زينة لاطائل منها, أما أنا فسجنت هنا بعد أن اتهمت باعتراض طريقهم ...ليسو هم من اتهموني فقط, بل قادتهم من اتهموني .

لكن كيف لهم أن يسجنوك ! وهل يمكن أن تسجن ....فضرب الكف على الكف وقال أنا من سجن نفسه...سأخرجك الآن ونصعد الى سطح السفينة حيث سنفترق مرة أخرى ...التزمت الصمت الى أن وصلنا سطح السفينة ,قال : إنظر الى البحر,أترى تلك الأمواج المتلاطمة؟ ...قد تحاول إغراقك لكن إذا ما بقيت على ما أنت عليه ووضعت أهدافك ثابتة في وجهها, وحصنت قاربك بالأمل, والنظر الى المستقبل فلك مني انها ستفشل في إغراقك, ولن تتمكن من ذلك. إلاّ إذا مكّنتها أنت بنفسك!.

سهوت لوهله ثم قلت : ليس هدفي العبور من خلالها بل إني آمل أن أعيد للبحر هدوءه أريد أن تزول اللعنة عن تلك الشعوب فكيف لي أن أفعل ذلك إذا كان هدفي الهرب ! .

ابتسم ابتسامة خفيفة وقال: لم أقل لك الهرب بل قصدت اجتيازها لتصل الى الشعوب فتخرجها من لعنتها ,ومن ثم تعود لتلك الأمواج وهذه السفينة الملعونة وأقرانها,حيث ستجدها قد ضعفت وتجد الأمواج تتلاشى شيئاً فشيئاً .

حدقت به وأردفت : أحقا أنت القدر ؟ ...فاجابني وباستغراب : ولما هذا السؤال ؟!

قلت : لم أتصور يوما وقوفك الى جانبي ....فتجهم وقال إذا وقفت في وجهك فعد الى ماكنت تفعل فقد تجد الثغرة هناك وتصلحها فتجدني الى جانبك , بني هاك القارب هذا وانطلق قبل أن تعترضك هذه الهياكل الملعونة , ولا تخشى الأمواج ,ولا تنسى أن تشعل الأمل في داخلك, وإياك أن تنسى إستغلال طاقتك بما تحمل فوق كتفيك فهو دليلك في البحر الهائج ومنارتك في هذه الظلمة ....لم يعد هنالك شيء لقوله, وما كان لي سوى أن أنزل الى القارب وأخطو خطوتي الأولى في وجه الأمواج وتلك اللعنة القاتلة.....    

No comments:

Post a Comment