Saturday 8 February 2014

قصة : فـي التـحـقيـق



في التحقيق



ليث مسعود

إنها الثانية بعد منتصف الليل في مدينة السلام, داخل جدران القدس العتيقة العريقة إستيقظ سكان الحي على صوت هدير آلات الإحتلال يتلوه صوت قرع عنيف, ليسرق سكينة الليل , إنها دقائق معدودة حتى صدح صوتها: إتركوه ومالكم عنده ؟ لا يزال بعمر الزهور,لا يحمل سلاحاً ولا يهدد أمنكم ,ألا يكفيكم سلبه حق الأبوة والطفولة الهادئة ؟ ألا يكفيكم طرد أخيه ؟ والآن تأخذوه بعيدا عن أمه !

هذا شأننا ,إدخلي الى منزلكِ ولاتكثري من الكلام ,أجابها بصوت حاقد غاضب.
مكبل اليدين ,مغمم العينين, معقود القدمين...نعم هكذا سرقوه من فراشه الدافيء ,انتزعوه من بين يدي أمه ,اقتلعوه من بيته ,وألقو به في آليتهم بين أقدامهم الهمجية التي لم تكف عن ضربه الى أن وصلوا به الى المكان الذي كبلت به الأرض وسجن به الإنسان ....
أدخل الى هذا المكان ولازال لايدري الى أين تقتاده الأيدي السوداء .... أجلس على كرسي ....وفجأة سأله بصوت ساخط :

 ما هو إسمك أيها المخرب ؟ 

الطفل: إسمي : مَقدِسيٌّ فلسطينيٌّ، نَسيته العروبة .

الضابط:  وكم عمرك ؟ 

الطفل: بعمر غَرس الزيتون الذي تقتلعونه ونزرعه يوماً بعد يوم.

الضابط: ماذا يعمل والدك ؟.

الطفل: والدي تقاعد تقاعداً مبكراً...لكنه استمر في حرق قلوبكم حتى بعد تقاعده.

الضابط: وما إسم والدك ؟ 

الطفل: أبي مقاوم، شهيد، مقدسي، فلسطيني نَسيته العروبة .

الضابط: وما إسم أخوك الأكبر ؟ 

الطفل: أخي مقاوم، مفكر، مقدسي، فلسطيني طرد من وطنه و نَسيته العروبة .

غضب الضابط وانهال عليه بالضرب, ثم قال: كف عن هذا الهراء أتحسب نفسك تخفي هويتك عني ؟! أعرف تاريخك كله! .

فأجاب الطفل والدم قد ملأ فمه...ولماذا تسألني !!!

رد الضابط ..إخرس..والآن أخبرني لِم أحضروك الى هنا ؟ 

الطفل: وما أدراني ! ......وكيف لا تعلم ماذا فعلت ؟، أم تود أن أعاود ضربك حتى تتكلم ؟!!

تنهد الطفل ثم أجاب بهدوء...كنت العب وأصدقائي في القدس العتيقة اليبوسية المغتصبة على يد أكبر مجرم في تاريخ الإنسانية على يد المجرم عديم الأصل أمام أعين العالم أولاً وأمام أمتها ثانياً ....

الضابط:  توقف عن هذا فَلَم أعد أحتملك أكثر !

الطفل: بينما كنت العب وأصدقائي أقدم أحد المستعمرين عديم أصل, عديم خلق, عديم إنسانية, بردائه الأسود سواد قلبه, أمسك بأحد أصدقائي وغرز خنجره الحاقد في القلب الصغير النابض بالحرية فسالت دماؤه أمام عيني...

الضابط: توقف هنا وهذه المرة الأخيره التي أقول بها توقف عن هرائك وتأليف الأساطير والكلام الجارح ,كُفّ عن تمثيل دور البريء ,أخبرني ماذا فعلت بالضبط ولا تكثر الكلام .

الطفل: أخبرك ماذا فعل أيضا ! ...لم يقتل صديقي فحسب, لا بل فجَّر بداخلي بركان الغضب, بركان الثورة, جعل قلبي ينبض بشجاعة عمر  و صلاح...فدفع بالرجل الماثل أمامك ليفج رأس الحاقد بالحجر الشاهد على حقي وحق كل فلسطيني بأرضه وإنتصرت وسأبقى منتصراً.....

هذا ماحدث سيدي القاضي ,هذا هو ملخص حواري مع ذلك الإرهابي المخرب ...كلامه المليء بالعنصرية دفعني أن القي به من قمة الجبل وليكن عبرة لغيره ..

فرد القاضي: إنه تفكير رشيد فقد ينشر العنصرية بين أصدقائه ويروي كلامه الأسطوري هذا فيعيث بالأرض الفساد, إذهب فأنت حر طليق وستحصل على ترقية .

الضابط: لكن سيدي القاضي وكيف تترك الأم ؟ فقد تتزوج وتنجب مخربين مثله! 

القاضي: فلتلقوا بها في السجن الإداري ,وليحجز البيت لعائلة الضحية الإسرائيلي تعويضاً لهم .


للتواصل :l.masoud2012@gmail.com

No comments:

Post a Comment