Monday 20 August 2012

مقالة : تركيا....مع أم ضد ؟


تركيا....مع أم ضد ؟





بقلم : ليث مسعود

19-8-2012

تركيا البطل ...بطل في أعين العرب،تلك الأعين التي تنقل الصورة فلا تجد دماغاً يحللها، وتقرأ كلمات فلا تدري معناها...ليس الأمر بالصعب لنحدد ونجيب على السؤال : تركيا ...مع أم ضد ؟ ، هل فعلا تركيا تقف مع العرب وتريد مصلحتهم ؟ هل تركيا فعلا أصبحت عدو مخيف لإسرائيل ؟ ....

إنها الوصفة السحرية ذاتها تستخدمها القيادات السياسية، وخاصة مع العرب أو الشعوب التي تجعل من العاطفة منطلق التفكير وتحيط أدمغتها بالسلاسل والقيود، كلمات ضد إسرائيل ،رفض المصافحة باليد ،كلمات دعم للفلسطينيين،فهم الآن السلعة الرائدة في السوق الإعلامية والسياسية. يبدو أننا نسينا أنه لا مكان للعاطفة في السياسة وخاصة بين الدول فكل منها تريد مصلحتها ...
تركيا بعد أن إنهار الإتحاد السوفيتي توجهت إلى أوروبا ولكن أوروبا لم تعطها الإهتمام الكافي، فوجدت من أمريكا الإهتمام الأكبر ؛فأمريكا الآن تطبق مشروعها المستتر تحت إسم" النظام العالمي الجديد" أو" العولمة"، وهي الآن بحاجة لركائز قوية في الشرق الأوسط لتعتمد عليها في حماية مصالحها من أعدائها هناك؛ حيث أن إيران و سوريا والعراق الى حين تدميرها يهددان هذا المشروع الكبير،فكانت تركيا وإسرائيل تفيان بالغرض ...كيف ذلك؟ ...عام 1996م بدأ التطبيع التركي مع أمريكا وبشكل رسمي ضد العرب؛ من خلال توقيع اتفاقية تعاون عسكري بين إسرائيل وتركيا وذلك كان خطوة لتعزيز العلاقات مع إسرائيل وحمايتها، هي ومشروع أمريكا من العدو الإيراني والسوري في المنطقة بعد إضعاف العراق بالحصار الإقتصادي والضربة الأولى،أما التعاون العسكري فهو عبارة عن معاهدة دفاع مشترك أو تحالف عسكري بينهما ، فأي عدوان على إسرائيل من قبل دولة أخرى سيدفع تركيا للتدخل وحماية إسرائيل ومصالح أمريكا .

كيف تجعل تركيا من محاولة نهوض العرب ضد أمريكا وإسرائيل أمر في غاية الصعوبة، بعيداً عن الجانب العسكري ؟

تركيا تتربع على منابع الأنهار المارة بسوريا والعراق، دجلة والفرات..والتان تشهدان مشاريع السدود أو مايسمى "مشروع جنوب شرق الأناضول"  فمن هنا أصبحت تركيا هي من يمسك بمصدر المياه لهذين البلدين كما أنها كانت تتدخل عسكريا في سوريا والعراق بحجة الأكراد المتمردين ضدها ...ولم تتوقف تركيا الى هنا فقط، لا بل وهي تكمل مشوارها أيضا؛ الحرب على العراق الذي كان شأنه شأن أي دولة تحاول تأميم النفط وتحاول نشر العلم وتنشئ مراكز الابحاث،تدخلت تركيا بإطلاق طائرة لتمر بالحدود العراقية التي كانت متوترة حينها، وكانت تنتظر إعلان الحرب عليها من أمريكا وحلفائها فكانت هذه الطريقة الأفضل لتدخل أمريكا تحت غطاء الدفاع عن حق حليفها تركيا في حلف الشمالي الأطلسي (الناتو) وذلك خارج غطاء الأمم المتحدة ،واليوم تكررت الفعلة ضد سوريا لكن سور الصين العظيم لا زال يمسك بأمريكا من يدها .

والآن أصبح من السهل التحديد هل تركيا عدو لإسرائيل وأمريكا ؟ وهل ستهدد إسرائيل كلمات أردوغان؟...تلك الكلمات التي لا ولن يطبق شيئ منها تجاه إسرائيل بعد حادثة مرمرة...أعتقد أنه آن الأوان لأن نفهم بأن إسرائيل ليست مجرد محتل يتحرك بطيش ،كما نتحرك نحن دون تفكير في المستقبل ولا في تبعات ما نفعل... فأغلب الخطوات التي تقوم بها أمريكا وإسرائيل مدروسه، لا أعتقد أن إسرائيل أقدمت على ضرب مرمرة دون توقعها بعدم قدرة تركيا سوى على الكلام لمراضاة شعبها وكسب جماهير العرب بعد هذه الحادثة التي أقدمت عليها إسرائيل ...ولا تزال تركيا تجتاحنا بالمسلسلات الفاشلة من الناحية الفنية والإنتاجية والأخلاقية...وأحيانا تضفي عليها بعض اللقطات من الصلاة وغيرها لكسب المسلمين الذين أصبحت تنطلي عليهم لعبة الشاشة الصغيره،كما راحت تجتاحنا ببضائعها التجارية. اليوم تركيا بطل العرب لمجرد بضع صرخات وكلمات ولمجرد أن رئيسها "إسلامي" لكن الأحرى قوله أنه يستخدم عباءة الإسلام ليظهر الجمال لعقول العرب والمسلمين كما فعل من سبقه...إنها المسرحية ذاتها تتكرر بتغيير الممثلين وتغير ديكور المسرح....تركيا أي الدولة وليس الشعب عدو يجب أن يسقط القناع عن وجهه وعلينا دائما أن نتذكر أن لا مشاعر في السيااسة ولا عاطفة فكفانا جهلا! .

نشرت هذه المقالة في صحيفة العربي..الموزعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام48....  بتاريخ 31-8-2012