Monday 27 August 2012

اللعب على المكشوف!


اللعب على المكشوف!


صورة للقصف الذي تعرضت له العاصمة العراقية بغداد


بقلم : ليث مسعود
25-8-2012

 كثير من الخطط تنشر قبل تنفيذها، وبالتأكيد لا نسمع عنه في الإعلام،وإذا كان الإعلام لدينا ضعيفاً فهذا لا يبرر للدولة وأجهزتها جهل اللعبة التي تدور حولها،فأين هي أذرع الدولة الإستخبارية وأين هم المستشارون للحكام،هل يعقل أن تقدم دولة على إرتكاب أمر دون تخطيط ولا إستشارة ولا إنتباه؟!. قد يكون الجواب "لا" ،لكن على ما يبدو هنا أن الإجابة هي "نعم"...وأقصد العراق والتي تليها سوريا اليوم، العراق ذلك البلد الذي حاول أن يتحدى أمريكا وطفل الغرب المحصن "إسرائيل" .

فكانت "جرائم" العراق تتمحور حول عدة أمور وأذكر هنا ما أعرف منها،الأولى محاولة صدام حسين تأميم النفط العراقي، والثانية توحيد العراق فوحدة العراق تعني بقائها متماسكة قوية فلم يكن هناك صوت يردد بالطائفية، كما أنه "تطاول" عندما جمع العلماء  وحاول العمل على مشروع مفاعل نوو كاني سواء سلمي أم غير سلمي، ونشر العلم وفتح التعليم المجاني على الأقل للفلسطينيين كما كان يدعم أسر الشهداء والمصابين...أما "الجريمة الكبرى" هي أن العراق بلد غني بنفط ذو جودة عالية، هو ومحيطه من دول الخليج العربي  فكان هذا الهدف الرئيس والأهم بالنسبة لأمريكا؛السيطرة على  الخليج وإحتلاله بموافقة بعض دول العالم وخاصة دول الخليج ذاتها!...لم يكن العراق قادراً على مجاراة الثعلب الأمريكي ...فلم يكن يملك ما تملكه أمريكا من مراكز أبحاث سياسية ومستشارين ولا حتى الخبرة السياسية... 

فقامت أمريكا بتحريكه ضد إيران عند بداية الثورة على "الشاه الرئيس الذي وضعته أمريكا مدعية الديموقراطية " الشاه الدكتاتور الذي أفقر إيران وأهلكها بشراء الأسلحة؛حيث كان يحظى بإمتيازات أشبه بتلك الممنوحة لإسرائيل اليوم ...مخازن السلاح الأمريكية بين يديك إشتر ما شئت.أقنعت أمريكا صدام حسين بأن إيران الآن دولة تتهاوى وأصبح جيشها ضعيفا جدا وبإمكانك السيطرة عليها،فلم تكن العلاقات الإيرانية العراقية جيدة بل كانت متوتره على الدوام. لم يفكر صدام كما يجب، ولو كان لديه التفكير الصحيح أو كان لديه مستشارون بحق لما أقدم على هذه الخطوة وغيرها من الخطوات!،لم تكن أمريكا تريد ضرب إيران ؛إنما أرادت إخماد شعلة الثورة الإيرانية ضد الدكتاتور الأمريكي ونجحت بإشعال حرب طويله و زيادة توتر العلاقات بين الدولتين والتخفيف من الثورة القائمة.

ثم تقدمت أمريكا عام 1984م، بإعطاء الأسلحة الكيميائية للعراق وذلك بتصريح من وزير الدفاع الأمريكي "دونالد رامسفيلد"،ومن ثم أكملت أمريكا لعبتها وبالإتفاق مع الكويت على إستفزاز العراق بزيادة إنتاج البترول واللعب بأسعار النفط، فأثار هذا غضب صدام حسين فقد كان يحاول دائما إعادة الكويت الى خارطة العراق،أبلغ  صدام أمريكا أنه سيقدم على إعادة ضم الكويت فردت أمريكا بأنها لن تدافع عن الكويت ولن تقف في وجهه، أما السفيرة الأمريكية بعد تسليمها الرد لصدام غادرت العراق دون عودة...وأكمل صدام خطوته التي أتت بتصريح لأمريكا تحت إسم "الدفاع عن الحق الدولي "...غُطيت سماء العراق الطائرات الأمريكية التي ألقت 60 ألف طن من المتفجرات على بغداد وحدها!،فقط خلال أربعة أيام ألقي ما يعادل قوة القنبلة النووية الأولى بخَمس مرات...وكما عبرت الأمم المتحدة  عن هذا بقولها :"لقد عادت العراق الى عصر ما قبل الصناعة"،وبعد هذه الخطوة دخلت أمريكا الخليج العربي وأرست قواعدها فيه ....وفي العام 2003م،توالت الإتهامات بالنووي والأسلحة الكيميائية ذاتها التي تسلمها من وزير الدفاع الأمريكي!، وحتى تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر إتهمت العراق بتنفيذها ووجود تنظيم القاعدة في العراق...إلخ.أما الحركة الأخيرة للتدخل خارج إطار موافقة مجلس الأمن،الطائرة التركية التي دخلت حدود العراق فأسقطت ...مما أوجب تدخل حلف الناتو . 

السيناريو هذا لم يكن مخبأ فلو أن صدام كان يمتلك المحللين والمستشارين لعرف بأن الخطة مفصلة نشرت علنا!...

مجلة Fortune بتاريخ 7-5-1979م نشرت مقالة في الصفحة 158 تحت عنوان "إذا غزا العراق الكويت" ومما جاء فيه :" قد تقوم القوات العراقية المسلحة بصورة رئيسية بمعدات روسية بإجتياح الكويت بسرعة.وإذا طلب منا تقديم المساعدة فسوف تشتمل ضربات جوية تكتيكية ضد العراق ومعداته الأرضية وإسناده الجوي.وربما هناك تهديدات بتدمير المنشآت النفطية العراقية والتسهيلات التابعة لها .وقد يتطلب الامر،من أجل طرد القوات العراقية البرية،إستعمال قطع بحرية من الأسطولين السادس والسابع وجنود مشاة من الفرقتين الثانية والثمانين،والواحدة بعد المائة.وتصورت الخطة جيشا في الجو لنقل القوات واستعمال الجسر الجوي الاستراتيجي لقوات الدفاع الجوي الامريكي،والذي يضم سبعين طائرة عملاقة من طراز C-5A ومائتين وأربعة وثلاثين طائرة من نوع C141المخصصة للنقل فضلا عن سبعمائة طائرة تموين وقود في الجو من طراز KC-135 للتزود بالوقود جوا".

إذن بدون مستشارين ولا قوة إعلامية تصد الإتهامات الموجهة اليك لن تستطيع الصمود أمام الغرب وغيره من الدول الكبيرة التي تقف ضدك،في هذا العصر الإعلام أصبح أهم أدوات الحرب وخاصة في وسط الجهل بين صفوف المشاهدين والمستمعين .

أما سوريا يتكرر فيها سيناريو المحاصرة الإقتصادية عبارة عن قتل وعقاب جماعي لا مبرر له،لكن الإعلام وبلاهة الشعوب تصنع المبررات!،واليوم سوريا أصبحت كما كانت العراق تملك "ترسانة ضخمة من الأسلحة الكيميائية" ولا ننسى محاولة الحصول على السلاح النووي . ومؤخرا إستخدمت طائرة تركية حتى يتم تدخل الناتو خارج موافقة مجلس الأمن،لكن حلفاء سوريا وأعداء أمريكا سرعان ما كشفوا بأن الطائرة دخلت الحدود فعلاً، وهذا ما إستمر رئيس تركيا بنفيه..محافظا على دوره في المسرحية.

في صحيفة  "The New Yorker " نشرت مقالة مماثلة لتلك التي نشرت عن العراق لكن هذه تتحدث عن طريقة تقسيم سوريا وكيفية التدخل فيها، لأن سوريا ليست سهلة كما كانت العراق. نشرت المقالة بتاريخ 5-3-2007 تحت عنوان "ANNALS OF NATIONAL SECURITY"* . أي حوليات الأمن القومي.

 إذن كان على سوريا إتخاذ الحيطة والحذر منذ ذلك العام وتعلمت من شقيقتها العراق، فقد كان بإمكانها إحتواء الفتنة قبل بدئها وتقوية دفاعاتها الإستخباراتية لكشف تحركات العملاء وكشف الإختراقات الحدودية، كما قوتها الإعلامية التي تعتبر أساس حرب الوكالة القائمة فيها اليوم،فهذه المقالة نشرت قبل 4 سنوات من بدء مايسمى "الربيع العربي".

 أما في الحديث عن تدخل الإستخبارات الأمريكية نشرت صحيفة " The New York Times" مقالة تكشف فيها تدخل" الـ CIA "في سوريا، وكنات المقالة التي نشرت في 21-6-2012 تحت عنوان :"C.I.A. Said to Aid in Steering Arms to Syrian Opposition"**  تتحدث عن دور الإستخبارات الأمريكية في تحريك وتوجيه المعارضة السورية .

_________________________________________________________________________________
إنظر كتاب حفارو القبور-روجيه جارودي .
إنظر الفصل العاشر-السيطرة الأمريكية على النفط العالمي حالة للدراسة:السيطرة على منابع الثورة العالمية.

*رابط للإطلاع على المقالة : http://www.newyorker.com/reporting/2007/03/05/070305fa_fact_hersh?currentPage=all

**رابط للإطلاع على المقالة : http://www.nytimes.com/2012/06/21/world/middleeast/cia-said-to-aid-in-steering-arms-to-syrian-rebels.html?_r=4&pagewanted=all






     

No comments:

Post a Comment