Thursday 6 March 2014

عام على رحيل هوجو تشافيز



عام على رحيل هوجو تشافيز



ليث مسعود

5/3/2014
 
أمريكا اللاتينية والتي تعتبرها الولايات المتحدة "الحديقة الخلفية" لها؛ فهي تعتبر أحد أهم مصادر الفواكه والخضار للولايات المتحدة، وبما أن الشّق الشمالي يمتلك القوة ويفرض على الدول الفقيرة في أمريكا اللاتينية البقاء على حالها بل ويدفعها للأسواء اعتبرتها حديقة خاصة لها، ولما لا؟ فالوطن العربي قد يسمى مسبح النفط الأمريكي!، ففي كلا الحالتين تم توظيف النخب التي حلّت محل الاستعمار القديم.

في أمريكا اللاتينية برز العديد من القادة والرموز، تحدوا سلطة الشركات وسلطة صندوق النقد وبالطبع أمريكا فهي جزء لا يتجزأ من عملية إفقار الشعوب ونهب الثروات؛ فهي تعمل على ذلك من خلال ادخال شركاتها الى تلك الدول بطريقة تبدأ بتدريج متسلسل، بداية إرسال قتلة إقتصاديين تحت اسم وظيفي في احدى الشركات الكبرى ووظيفتهم العمل على إقناع الدولة بالإستدانة من البنك الدولي الذي تتولى قيادته الولايات المتحدة، أما طريقة الإقناع تكون من خلال إعداد فريق القتلة الاقتصاديين لمخططات وهمية تبيّن أن النمو سيرتفع بشكل خيالي بعد إنجاز المشروع الذي تقدمت به الشركة/ات الأمريكية، أما تكلفتها فهي عالية جداً ولن تستطيع دولة فقيرة من سداد الفاتورة فيكون البنك الدولي هو الممول...ومن هنا تسدد الدولة الفاتورة للشركات ولكنها لن تتمكن من سداد فوائد البنك الدولي الذي سيفرض قيوده على الدولة تحت اسم "خطة تقشّف" والتي تمنع الدولة من دعم التعليم والصحة وغيرها من الأمور الأساسية لتنمية الدولة المسماة نامية!...مثال ذلك دولة الإكوادور تأخذ الشركات 75 دولار من كل 100 دولار من النفط، ومن هنا يتبقى 25 دولار ثلاثة أرباعها لسداد الديون و2.5 دولار تصرف للتعليم والصحة والخدمات العامة، أما المتبقي فهو للجيش (التسليح والأمن). أما في حال عدم موافقة الدولة على هذا المخطط يأتي دور المخابرات المركزية الأمريكية والمقصود هنا الإغتيال وإذا فشلت هذه العملية يكون الخيار العسكري هو الطريق كما حدث في العراق فبعد تدميره تماماً تسلّمت شركة "بكتل" الأمريكية إعادة إعمار العراق! (سياسة الهدم البنّاء).

تلك هي مقدمة مبسطة جدا للمسألة وهي تشمل دول العالم "الثالث" كافة، قبل الحديث عن تشافيز يجدر التذكير على الأقل بإثنين من قادة الدول الفقيرة في أمريكا اللاتينية والتي وقف قادتها وقفة تشافيز، لكنهم قضوا نحبهم بسبب دفاعهم عن شعبهم ورفضهم الإنصياع لأوامر الولايات المتحدة والقبول بسلطة الشركات...الرئيس جيم رُلدُس المنتخب ديموقراطياً عام 1979، تقدم بعرض قانون "الهايدروكربون" على البرلمان والذي بدوره سيعمل على إعطاء الحصة الأكبر من عائدات النفط للدولة المالكة له، وهو ما استهجنته شركات النفط وحاولت تشويه سمعة الرئيس إلا أنها لم تنجح فما كان لها سوى أن تغتاله وذلك بعد أن ألقى خطابه أمام الشعب وطالب الشركات التي ترفض تقديم مساعداتها للشعب ان تغادر الإكوادور...وفي اليوم ذاته 24/5/1981 احترقت وتحطمت طائرته...وبعد هذا الحدث بشهرين إغتيل رئيس بنما "عمر توريجُس" الذي رفض التعامل مع الشركات وطرد المؤسسات الأمريكية التي تتغطى بإسم الخيرية وبالطبع السبب الرئيس هو رفضه تعديل اتفاقية قناة بنما التي كانت تخضع قبل هذه الاتفاقية للسيطرةالأمريكية...قُتل الرئيس عمر توريجس بتحطم طائرته في 31/7/1981.(1)

صمد تشافيز أمام التحديات الأمريكية والدولية منذ العام 1999 حتى وفاته عام 2013، ما تميّز به تشافيز هو نظام التنمية الذي اتبعه في فينزويلا حيث قلل من مستوى الوفيات لدى الأطفال، كما عمل على انشاء مراكز صحية في كافة أنحاء فينزويلا وعمل على تقليل البطالة ودفع بنظام التعليم الى درجات متقدمة ففي العام 2005 اعلنت الـ"UNESCO " عن القضاء على الأمية في فينزويلا(2)...أما النفط فقد عمل على تقوية شركة النفط الفينزويلية التابعة للدولة...لنكون أكثر اختصاراً فقد اعتمد تشافيز نمط تنمية متميّز، الّا أن هذا بالطبع غير مقبول لدى الولايات المتحدة، فعملت على انقلاب عام 2002، وذلك من خلال دفع قادةعمال النفط واصحاب الأموال الى انزال العمال للشوارع واعلان الإضراب وذلك للإطاحة بشركة فينزويلا للنفط والتي تشكل عائداتها 80% من دخل الدولة. أما الإنقلاب فكان بتعاون بعض الضباط الذين تلقوا رشوى من أتباع الـCIA وهم أيضا ينسبون لشركات(3) خاصة ويتقاضون راتهم منها لكن خدمتهم تكون لصالح المخابرات الأمريكية، فشل الإنقلاب الذي دام ثلاثة أيام وذلك بسبب شعبية تشافيز التي كان يحظى بها لدى الشعب، لم يكن احتمال تدخل عسكري مباشر سهلاً فقد كانت العراق وأفغانستان هما الضحيتان الرئيسيتان في تلك الفترة فتأجل غزو فينزويلا، لكن لم تتوقف محاولات تحشيد متظاهرين ومحاولات تقوية الروابط مع الجيش الفنزويلي للإطاحة بتشافيز حيث عملت من خلال مؤسسات المجتمع المدني NGO’s التي تدعي دعم حقوق الانسان والمرأة والديموقراطية، وكان الدور الرئيس هنا لمؤسسة" National Endowment for Democracy" التي أنفقت حسب تقرير عام 2010 أنفقت أمريكا 40 مليون دولار على هذه المؤسسة لتجنيد المعارضين، وفي العام 2009 أنفقت مايزيد عن 1.8مليون دولار على الهدف ذاته وحسب أحد الممولين "Allen Weinstein" في تصريح للواشنطن بوست بأن ما تقوم به هذه المؤسسات اليوم كانت تقوم به المخابرات المركزية الامريكية بشكل سري قبل 25 عام. 

أما السفير الأمريكي السابق في فينزويلا "Patrick Duddy" ففي ورقة بحثية نشرها يقترح فيها السيطرة على النفط الفينزويلي وشركة النفط الفينزويلية والإطاحة بتشافيز من خلال التقرب للجيش بحيث يعمل على الإمساك بزمام الأمور بعد أن تتم تنحية تشافيز، أما الحديث هنا كان يدور عن خطة في حال فاز تشافيز في الانتخابت وهذا ما حصل، إلا أن ذلك لم يحصل فقد توفي تشافيز بعد صراع مع مرض السرطان والذي لاتزال الشكوك تدور حوله حيث توجد احتمالية اغتياله بالسّم وهي ليست المرة الأولى التي يقتل قيها رئيس بمثل هذه الطريقة...واليوم في ذكرى وفاته الأولى خليفته المنتخب ديموقراطياً يواجه مظاهرات حسب ما وصفتها القيادة الفينزويلية الجديدة بأنها مماثلة لتلك التي قامت عام 2002 ضد هوجو تشافيز(4).

وفي الخاتمة بالطبع لم أوف المذكورين أعلاه حقهم كما وأنهم مثال بسيط على آخرين لم يتم ذكرهم فعمر توريجس وجيم رلدس عرفوا مصيرهم لكنهم رفضوا أن يقفوا الى جانب العدو ضد شعبهم وفضلوالموت بشرف والنتيجة كانت تخليدهم كأبطال وليس التخليد هو المطلوب إنما سيبقون مثلاً على التضحية لدى تلك الشعوب ومنارة تدفعهم للثورة الدائمة ضد الهيمنة والسيطرة لسلطة الشركات الأمريكية على بلادهم.


1-      جون بيركنز، إعترافات قاتل إقتصادي، منشورات دار ورد، 2012
2-      Global Research, 50 Truths about Hugo Chavez and the Bolivarian Revolution, by Salim Lamrani, March 11, 2013
3-      المصدر (1) ذاته
4-      Global Research, A US Plan to Topple Hugo Chavez?, by Mike Whitney, October 06, 2012

No comments:

Post a Comment